عد وفاة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي (ت 589هـ) مؤسس الدولة الأيوبية، وأحد أبطال الإسلام في العصر الوسيط، تولّى مقاليد الحكم من بعده أبناؤه وأقرباؤه في مصر والشام واليمن، لكن أغلب هؤلاء لم يكونوا بالمواصفات القيادية الفذّة ذاتها التي تمتّع بها صلاح الدين، وسرعان ما نشب صراع بين أبناء صلاح الدين الأفضل علي والعزيز عثمان، واستطاع عمّهم العادل الأول أبو بكر بن أيوب (615هـ) أن يحسمه لصالحه ليحكم أبناؤه وأحفادُه من بعده، وتتشرذم الدولة الأيوبية إلى مقاطعات أو ممالك متنافسة.
وفي وسط هذا التنافس ابتُلي الأيوبيون بزيادة النفوذ الصليبي الذي كانت جيوبه وإماراته تتمتع بقدر من النفوذ والقوة في طول الساحل الشامي، وقد شهد الأيوبيون ثلاث حملات صليبية ما بين عامَيْ 615 إلى 647هـ، هي الحملة الصليبية الخامسة على دمياط في عام 614هـ، والحملة الصليبية السادسة التي سُلِّمت فيها القدس إلى فردريك الثاني الإمبراطور الألماني على طبق من ذهب سنة 626هـ، والحملة الصليبية السابعة سنة 647هـ على دمياط بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع وداعميه من الصليبيين في الشام، وهي الحملة التي برزت فيها أهمية قوات المماليك التي كان الصالح أيوب قد عمل على تقويتهم وتدريبهم بجانب قوات الأكراد والمغاربة والسودان وغيرهم من العناصر الأخرى للجيش الأيوبي.
هذه الحملة لم تتمثَّل خطورتها في سقوط دمياط على يد الصليبيين ووصولهم إلى مشارف المنصورة في الجنوب، بل تمثَّلت خطورتها في وفاة السلطان الأيوبي الصالح أيوب أثناء المعركة، الأمر الذي اضطر قائد الجيوش الأمير فخر الدين بن الشيخ وشجر الدر زوجة السلطان أو جاريته السابقة لكتم خبر الوفاة حتى لا تضعف معنويات الجيش فتنهار الدفاعات والمقاومة التي كانت قد بدأت تؤتي ثمارها بالهجوم المباغت والعمليات الخاصّة في النيل واقتحام دفاعات الصليبيين التي كانت قد بدأت في الانهيار. فمَن هي شجر الدر؟ وكيف كانت عاملا مهما في انتصار الأيوبيين والمماليك في هذه المعركة الحاسمة على عشرات الآلاف من الصليبيين؟ وكيف ارتقت إلى حكم مصر لتصبح السلطانة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط؟!